واجه الاقتصاد الإماراتي خلال 2020 تحديات قوية، كما هو الحال ببقية اقتصاديات العالم، خاصة مع اعتماده الكبير على حركة التجارة والسياحة العالمية، إلا أن المؤسسات الدولية أكدت قدرته على امتصاص الصدمات.

فمنذ ظهور جائحة “كورونا” حول العالم، اتسم النصف الأول من عام 2020 بالأصعب في اقتصاد الإمارات بسبب توقف حركة الطيران، حتى امتص صدمة سرعة انتشار الوباء وكيفية التعامل معه.

وبناء على ذلك في تقرير “المراجعة الربعية للربع الثاني 2020” الصادر عن المصرف المركزي، أظهرت التقديرات انكماش نمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي لدولة الإمارات بنسبة 5.2 بالمائة في عام 2020، مقارنة بـنمو بنحو 1.7 بالمائة في العام السابق.

وأشارت التقديرات إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 4.5 بالمائة خلال العام الجاري مقارنة بـالعام الماضي.

وشهدت الأنشطة الاقتصادية تحركات متباينة حيث جاء أداء الاقتصاد الإماراتي جيداً خلال الشهرين الأولين من العام.

وأوضح المركزي كذلك أن النشاط الاقتصادي في الإمارات شهد تراجعاً خلال الربع الثاني بسبب عمليات الإغلاق التي بدأت في مارس واستمرت إلى مايو، تماشياً مع توصيات منظمة الصحة العالمية.

وتوقع المصرف أن يسجل الربع الثالث انكماشاً أكثر اعتدالاً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، منوهاً إلى أنه قد يستمر وإن كان بوتيرة أكثر اعتدالاً في الربع الرابع بافتراض احتواء فيروس كورونا.

وأرجع ذلك إلى زيادة الإنفاق الحكومي بمتوسط يقارب 28 بالمائة في عام 2020، بما يتوافق مع التحفيز المالي المتوقع، وتباطؤ نمو الائتمان في الربع الثالث والبدء في التعافي ببطء بعد ذلك.

كما شهدت أسعار العقارات مزيداً من الانخفاض في الربع الثالث قبل أن تشهد اعتدالاً في الربع الأخير من العام.

وبعد ذلك جاء النصف الثاني، بتوقعات الإمارات المركزي أن يبدأ انتعاش النشاط الاقتصادي الإماراتي في النصف الثاني من العام 2020 بعد العودة لحركة الطيران وعودة السياح تدريجياً.

وأكد صندوق النقد الدولي أن الإمارات نجحت في اعتماد تدابير رائدة، ساعدتها على احتواء تفشي فيروس كورونا المستجد، والإقلال من تداعياته وتبعاته لكنه سينكمش خلال عام 2020.

وأشار الصندوق إلى أن هذه التدابير كان من بين أبرزها زيادة الفحوص للكشف عن الوباء، بالإضافة إلى توظيف التكنولوجيا المتقدمة في كل المستويات؛ ما ساعد في إعادة فتح الأنشطة الاقتصادية تدريجياً.

وكان صندوق النقد توقع في شهر أبريل/نيسان من عام 2020 انكماش اقتصاد دولة الإمارات بنحو 3.5 بالمائة في العام الحالي، مع توقعات بالتعافي بقوة، مسجلاً نمواً يتوقع أن يصل معدله إلى 3.3 بالمائة خلال عام 2021.

وأشار أزعور إلى أهمية حفاظ الإمارات على نجاحها في استثماراتها بالتكنولوجيا وتوسيع أكثر من فرصة للتمويل، وتحديداً للشركات المتوسطة والصغيرة.

وخلال الربع الثالث من عام 2020، تعافى النشاط الاقتصادي في الإمارات جزئياً، بعد تخفيف قيود الإغلاق واستئناف رحلات السفر الدولية، وهذا الأمر عاد بمنافع كبيرة على دولة الإمارات؛ نظراً لمكانتها مركزاً إقليمياً للتجارة والنقل والسفر؛ وفقاً للمركزي.

وجاء ذلك مدفوعاً بزيادة الإنفاق المالي وانتعاش سوقي الائتمان والتوظيف، والاستقرار النسبي في سوق العقارات، ويدعم الانتعاش الثقة بالاقتصاد واستضافة معرض إكسبو دبي

إضافة إلى ذلك منحت وكالة “موديز” حكومة الإمارات العربية المتحدة تصنيف Aa2 في الجدارة الائتمانية، في أعلى تصنيف سيادي في المنطقة العربية.

ولم يكن هذا التصنيف الأول للإمارات، بل سبقه الحصول على تصنيف “ – AA” مع نظرة مستقبلية مستقرة من قبل وكالة “فيتش” العالمية.

2021.. التعافي القادم

ومع قرب استقبال عام 2021، توقعت مؤشرات أن يشهد اقتصاد دولة الإمارات خلال السنوات الخمس المقبلة بداية من العام 2021، تجاوز التحديات الصعبة التي خلفتها جائحة “كورونا”.

ومنها توقعات صندوق النقد العربي أن يتحول النمو الاقتصادي للإمارات ليكون إيجابياً بنسبة 2.4 بالمائة للعام المقبل، ليستعيد الاقتصاد الإماراتي عافيته تدريجياً.

كما كشفت إحصائيات الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء عن وصول إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للدولة بالأسعار الجارية إلى 362.8 مليار درهم بنهاية الربع الأول من العام الجاري؛ وهو ما يؤكد قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات.

أما الناتج المحلي للدولة بالأسعار الثابتة فسيصل إلى 368.52 مليار درهم في نهاية الربع الأول، موزعة بواقع 251.94 مليار للإجمالي غير النفطي و116.57 مليار للإجمالي النفطي.

من جانبه، توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الناتج الاسمي في الإمارات بنسبة 3 بالمائة، كما توقع أن يصعد الناتج الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.3 بالمائة خلال العام القادم.

وأكد صندوق النقد الدولي أن الاحتياطات المالية في الإمارات وفيرة، كما لفت إلى أن الخطط المعلنة للتعديل المالي في السنوات المقبلة في الإمارات سوف تستمر طويلاً لاحتواء الضغوط المالية متوسطة الأجل.

وأشارت تقديرات مصرف الإمارات المركزي التي صدرت أواخر عام 2020 عن نمو متوقع في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 3.6 بالمائة مع نهاية عام 2021.

بدورها توقّعت ستاندرد آند بورز انتعاش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الإمارات إلى مستويات عام 2019 بحلول عام 2023.

وقالت وكالة التصنيف الائتماني العالمية إنها تتوقع انتعاشاً اقتصادياً تدريجياً اعتباراً من عام 2021، ولكن مع انتعاش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ليقترب من مستويات عام 2019 بحلول عام 2023.

وأكدت ستاندرد آند بورز أن معرض إكسبو 2020، الذي ينطلق أول أكتوبر/تشرين الأول 2021 ويستمر حتى 31 مارس/آذار 2022 سيوفر منصة للتعافي في النشاط الاقتصادي.

المصدر: موقع مباشر