تتبنى الجزائر استراتيجية لتعظيم دورها وعوائدها كمصدر رئيسي للطاقة إلى القارة العجوز؛ سواء من خلال إمدادات الطاقات الأحفورية التقليدية، للوفاء بالتزاماتها الحالية والمستقبلية إزاء شركائها الأوروبيين، وكذلك في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، في وقت تتمتع فيه بإمكانات واسعة تُمكنها من أن تكون لاعباً رئيسياً في هذا السياق.

ويأتي “الهيدروجين الأخضر” كمحور رئيسي ضمن تلك الاستراتيجية، في ظل تلك الإمكانات المتوافرة في الجزائر التي تسعى إلى أن تلبي نسبة تصل إلى 10 بالمئة من الطلب الأوروبي على “الهيدروجين الأخضر”، وعبر تحديث وتطوير خطوط الأنابيب من أجل بلوغ مساحات أوسع في القارة.

تعزز تلك الخطوات المتسارعة حاجة أوروبا إلى تأمين موارد طاقة بديلة عن الغاز الروسي، في ظل النقص الذي عانت منها القارة العجوز بعد الحرب في أوكرانيا نتيجة التراجع الحاد في الإمدادات والعقوبات الغربية على موسكو. وقد نجحت الجزائر في أن تقتنص فرصاً للتخفيف من بعض المشاكل التي واجهتها أوروبا في سياق تأمين إمدادات الطاقة.

ووفق بيان صادر عن وزارة الاقتصاد الألمانية، فإن مباحثات تمت بين برلين والجزائر، ناقشت فرص أن تكون الجزائر المورد الأكبر للهيدورجين الأخضر -الذي تعول عليه برلين جنباً إلى جنب والفحم والغاز في إدارة صناعتها- ليؤمن البلد العربي تبعاً لذلك نسبة 10 بالمئة من الإمدادات التي تحصل عليها أوروبا.

وبحسب بيان الوزارة، فإن المحادثات الأخيرة تشمل كذلك “تطوير وتوسعة خطوط أنابيب الغاز الطبيعي الحالية، والتي تمر عبر تونس وإيطاليا والنمسا، من أجل توصيل الهيدروجين الأخضر إلى جنوب برلين”.

يأتي ذلك في وقت تعول فيه عديد من البلدان الأوروبية على تأمين إمدادات “الهيدروجين الأخضر” من دول شمال إفريقيا، من بينها إسبانيا، حيث أعلنت شركة “إيناغاز” وهي الشركة المشغلة لشبكة الطاقة بالبلاد، عن استعداداتها للحصول على واردات محتملة من الهيدروجين الأخضر من المنطقة في العام 2030.

وبحلول العام 2050، بحسب شركة ديلويت، من المرجح أن تكون المناطق الرئيسية المصدّرة للهيدروجين الأخضر، شمال إفريقيا (110 مليارات دولار سنويا)، وأميركا الشمالية (63 مليارا)، وأستراليا (39 مليارا)، والشرق الأوسط (20 مليارا).

ومن المتوقع أن تصبح برلين المستورد الأكبر لـ “الهيدروجين الأخضر” في القارة العجوز، وأن تحصل على 70 بالمئة من الغاز النظيف من الخارج بحلول 2030 في وقت تسارع فيه الخطى من أجل تطوير البنية التحتية اللازمة، وبعد أن طرحت مشروع شبكة الهيدروجين.

يقول الخبير الاقتصادي، أستاذ الطاقة الجزائري، الدكتور مراد كواشي، في تصريحات خاصة ..

الجزائر وضعت استراتيجية واضحة لتحقيق الانتقال الطاقوي، وذلك من خلال زيادة الاستثمارات في الطاقات الأحفورية التقليدية، عبر زيادة البحث والإنتاج والتصدير، وهذا من أجل ضمان وفاء البلاد بالتزاماتها الطاقوية الحالية والمستقبلية تجاه شركائها، خاصة في أوروبا.

معلوم أن الجزائر رفعت من حجم صادراتها الطاقوية، خاصة الغازية، نحو أوروبا، وقد أصبحت ثالث مورد للغاز الطبيعي لدول القارة (..) فيما طلب الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، شركة سوناطراك الوطنية بضرورة رفع صادرتها إلى 100 مليار متر مكعب، بينما هي الآن تصدر نصف الكمية تقريباً.

بالتوازي مع الاهتمام بالطاقات الأحفورية من أجل الوفاء بالالتزامات نحو “الزبائن الأوروبيين” فإن الجزائر وضعت خطة واستراتيجية للانتقال الطاقوي من خلال الاستثمار أكثر في المزيد الطاقوي.

تتضمن تلك الخطة استراتيجية من أجل استغلال الطاقة الشمسية في الصحراء الجزائرية، وهي صحراء شاسعة جداً وربما بها مدة إشعاع شمسي من الأكبر على مستوى العالم.